زمن الحروب

السبت 10 من جمادي الآخرة 1445 هــ
العدد 50055
أنا من الذين يعتقدون أن زمن الحروب ولى، وسوف ينزوى، وأننا نعيش نهايته، رغم الحروب المنتشرة هنا وهناك، ولم تأتِ بعد، وقد بنيت تفكيرى هذا على أن الإنسان المعاصر أصبحت العلوم كلها تحت يده، بل إنه يعيش زمن الذكاء الاصطناعى، والتفكير المنطقى، وأن الحروب تنتهى، ولا يلجأ إليها إلا المجانين، فطبيعى أنه لم يعد فى الحروب منتصر أو منهزم، فالكل يخسر، وتكلفتها حادة على الكل، وليس لها نتيجة إيجابية، بل هى نفسها أُم الخسائر للجميع، وتنقل كل الأطراف، أو أصحابها، لتجعلهم جميعا من المجانين.
إن العالم لم يعد يطيق أن يسمع عن الحروب، أو يشاهدها، خاصة الجيوش، والبلدان القوية، فهى تخسر أكثر، وأكثر، والكل يجب أن يحسبها، ولا عزاء للذين لا يحسبون، ولا يقدرون عواقب اليوم التالى.
نشاهد فى البحر الأحمر، الذى يجب أن يكون أكثر الأماكن هدوءا، واستقرارا، لأنه بحيرة عربية ( ٨ دول عربية تطل عليه)، من يحتجزون السفن بحجة أنهم يقاومون، أو يساعدون غزة فى الحرب التى تشنها إسرائيل عليها.
احتجاز السفن فى البحر الأحمر أساء لسمعة هذا البحر الهادئ، والغنى بالموارد، ولم يخدم أى أطراف على الإطلاق داخله، بل إنه أضر بحركة الملاحة فيه، وجعل الشركات العالمية تلوذ بالدوران حول إفريقيا، أو ما يعرف بطريق رأس الرجاء الصالح، هربا من نار البحر الأحمر، لأن هناك مجموعات تطلق صواريخ بهلوانية تهدد بها القوى الكبرى، وإسرائيل، وتهدد كذلك سلاسل الإمداد العالمية ( ١٢٪ من تجارة العالم، و٣٠٪ من تجارة الحاويات).
يكفى الإشارة هنا إلى أن سعر تأجير سفينة لنقل الخام من الشرق الأوسط إلى أوروبا ارتفع ٢٥٪ ، وأن شركات التجارة البحرية غيّرت مسار سفنها نحو الدوران عبر إفريقيا، كما وسعت من نطاق المخاطر، وأن الشركات رفعت أقساطها (شركات التأمين، والغاز، والملاحة)، والكل يتجنب البحر الأحمر، وأن الأفضل أن تتحرك منظمة الدول المطلة عليه، وتُلزم كل الأطراف، وكل الدول بحماية مناطقها الملاحية، وأن يكون البحر الأحمر آمنا.