2024حكاية فكرةمقالات الأهرام اليومى

مصر وأوروبا.. صداقة وتعاون

الأحد 14 من رمضان 1445 هــ
العدد 50147
لقد جاءت أوروبا إلى مصر ٢٠٢٤ فى اتفاقية اقتصادية إستراتيجية كبرى، وبقى أن تذهب مصر إلى أوروبا، وتكمل حلقات التعاون، أو دوائره، ومجالاته المتنوعة، والمتجددة، وهذا التطور الإستراتيجى ليس اتفاقية عادية، أو احتفالا مهيبا حضره رؤساء أوروبا فقط، ولكن له ما بعده، ويحتاج إلى اهتمام المؤسسات الفكرية، والجامعات، ومراكز الأبحاث المتعددة، والمثقفين، والمفكرين، والإعلام بقدر احتياجه إلى المؤسسات الحكومية، ورجال الأعمال لتنفيذه، وجعله حقيقة على أرض الواقع لخدمة الشعوب، وفى هذا الإطار فإن البعد الأوروبى، أو المتوسطى، هو بعد حضارى أكثر منه بعدا طبيعيا، وبعد اقتصادى أكثر منه بعدا ثريا، كما يرى جمال حمدان الذى انتصر فكره أخيرا على الأفكار الأخرى التى كانت ضد أن ترنو مصر نحو أوروبا، والمتوسط، وهى، بطبيعتها، أفكار فاشية، أو عنصرية. إن العقل المصرى منذ العصور الأولى إن تأثر بشىء فإنما يتأثر بالبحر الأبيض المتوسط، وإن تبادل المنافع على اختلافها فإنما يتبادلها أيضا مع شعوب البحر المتوسط، وكنا نتساءل، ونحن الشعوب التى عاشت حول بحر الروم (المتوسط) وحدة حضارية متجانسة وليست وحدة سياسية: ما بال هذا البحر ينشئ فى الغرب عقلا ممتازا متفوقا ويترك الشرق عقلا ضعيفا- كما تساءل طه حسين؟.. وبهذا المعنى لا يصح التوجه للغرب نوعا من التبعية‪،‬ بل هو خطوة فى التطور، فعلينا أن نعود إلى طه حسين، ورفاعة الطهطاوى لنستكمل جذور الثقافتين الرئيسيتين اللتين تمركزت إحداهما فى مصر والأخرى فى أوروبا لتعود تلك العلاقة التبادلية (المصرية- الأوروبية)، وعليه، فإن تعاون مصر وأوروبا ليس مفيدا للطرفين فقط، وإنما للإنسانية جمعاء، لأنه يقوم على شىء يفوق الصداقة، ويرقى إلى التفاهم، والتوافق، وتلك هى صناعة الحداثة المصرية، إذن فمتى تتجه مصر نحو أوروبا من جديد؟..إن مصر فى انتظار صحوة جديدة حقيقية تتجه مجددا نحو الحداثة وليس الاقتباس العشوائى لبرامج الكمبيوتر، ووسائل الاتصال الحديثة فقط.. صحوة تمس العقول، وطرق التفكير، ونحن قادرون عليها، ولكن ينقصنا فقط الإيمان، والثقة، والسير فى هذا المسار المأمول.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى