ترامب.. نظرية جديدة!

الثلاثاء 19 من شعبان 1446 هــ
العدد 50478
استخدم سمعة «الجنون» هى إستراتيجية قد تكون فعالة فى بعض الأحيان، لكنها محفوفة بالمخاطر فى سياقات أخرى.. منذ ترشحه فى المرة الأولى للرئاسة عام 2016، فقد حرص ترامب على تصوير نفسه كزعيم لا يمكن التنبؤ بتصرفاته، واعتبر أن القيام بذلك يعزز السياسة الخارجية الأمريكية خلال حملته الأولى، وزعم ترامب أنه يجب علينا كأمة أن نكون أكثر غموضا، وحينما سُئل خلال حملته الانتخابية لعام 2024 عن طريقة رده على الحصار الصينى لتايوان أجاب ترامب: «لن أضطر إلى ذلك لأن «شى جين بينج» يحترمنى ويعرف أننى مجنون تماما».
لا شك فى أن ترامب ليس أول زعيم يتبنى صراحة سياسة خارجية متقلبة، فعلى مدى عقود من الزمان استخدم رؤساء الدول فى مختلف أنحاء العالم ما يعرف بنظرية «الرجل المجنون»، وهى فكرة مفادها أنه من خلال التصرف بطريقة متقلبة للغاية يمكنهم إثارة خوف الآخرين، ودفعهم إلى تقديم تنازلات.
إن القادة الذين يغذون الانطباع بأنهم قد يفعلون أى شىء بغض النظر عن العواقب، غالبا ما يواجهون صعوبة فى تقديم ضمانات موثوقة، وينطبق الشىء نفسه على الزعماء الذين تستند سمعتهم السيئة إلى تفضيلات غير طبيعية أو مشوهة، مثل تلك المرتبطة بالتعصب، أو التطرف، وتبدو وعودهم بالسلام فارغة، ولهذه الأسباب كلها، سيضطر ترامب إلى إثبات أن سياسته الخارجية ليست مجردة تماما من المنطق، وأنه يمكن الوثوق به فى الالتزام بالاتفاقات، لذا سيقلل أيضا من خطر التصعيد غير المقصود، ومن ثم يطمئن الحلفاء القلقين من سياساته، وقد يحقق ترامب النجاح إذا تمكن من تصوير نفسه على أنه شخص لا يمكن التنبؤ بتصرفاته، ولكن من دون أن يبدو غير عقلانى، فإذا بدا ترامب غير عقلانى إلى حد ميئوس منه، فمن غير المرجح أن يحقق أى شىء مما يسعى إليه.