المصريون الجدد..!

السبت 23 من ذي الحجة 1445 هــ
العدد 50244
عندما عبر المصريون قناة السويس فى سبعينيات القرن العشرين (1973)، وحرروا أرضهم بجسارة العسكرية المصرية- تغيروا، وأدركوا أنهم فى عالم جديد، ومختلف، حيث لم يقبلوا أن يظل شبر من أرضهم تحت الاحتلال، وصاروا فى طريق صعب، ودقيق يكاد يرونه لأول مرة، ولكن كانت نتيجته النصر، والثقة فى النفس، والوطن، واستكملوا مهمتهم التاريخية باتفاقيات السلام، ثم بالتحكيم الدولى، وهو مسار يحترم القوة، والقوانين، حيث وقف المصريون على كامل حدودهم، وقاموا بتحصينها.
وهكذا تكررت الأيام، وبنفس ظروفها الدقيقة، فى ذكرى اليوم، منذ 11 عاما، حيث صحا المصريون على ثورة جديدة فى القرن الحادى والعشرين (30 يونيو 2013) غيرتهم تماما، ووضعت مصر فى مكان جديد، ومسار مختلف لا يتأثر بكلمة هنا أو هناك، أو حدث عابر، أو مشكلة صغيرة أو حتى كبيرة، بل إصرار على إعادة بناء الوطن، والمؤسسات بشكل جديد، ومختلف، لا نقول دولة، أو جمهورية جديدة فقط، ولكن «مصريون جدد»، وهو تغير تاريخى آخر يعادل ما حدث بعد أكتوبر 1973 تماما فى تجربة فريدة خرجت من رحم المعاناة والألم، فقد تخلص المصريون من معاول الهدم المتجذرة فى ثناياهم، أو داخلهم، والتى صنعت أحزابا دينية، وتلك ثيوقراطية قديمة تتبع الخلافة فى مرحلة، والقاعدة، والدواعش فى مراحل أخرى، وكانوا، ولايزالون، يتخفون كالحرباء فى جلباب الدين، ويخفون أطماعهم للتسلط، حيث نلاحظهم بدقة، ونكاد نشفق عليهم لحالتهم، وجهلهم، وعدم إدراكهم المتغيرات فى مصر.
لقد أزاح المصريون الجدد الإخوان بعد استجابة درع الوطن، جيشهم العظيم، للخروج الباهر لهم بكل فئاتهم، والذى سوف يظل علامة قوة لجدارتهم بهذا العصر، وبدأنا فى إعادة بناء الوطن، فقد أعادت ثورة 30 يونيو 2013 بناء الدولة، والمؤسسات الحديثة المتفوقة، ليس لهذا العصر فقط، بل العصور المقبلة، وهذا هو معنى الثورة التى نحتفل بها اليوم بعد عام وعقد من الزمن، ونقف نحن المصريين الجدد بكل قوة نتطلع للمستقبل بلا خوف، أو تردد، بل نصنعه بإرادة وتفوق حديديين، حيث أثبت المصريون تفوقهم فى امتحانات قاسية يتذكرونها ليبنوا عليها الأيام المقبلة دولتهم الحديثة، وجمهوريتهم الجديدة.