مصر وتركيا

السبت 4 من ربيع الأول 1446 هــ
العدد 50314
فى أول زيارة للرئيس عبدالفتاح السيسى لتركيا منذ 12 عاما انتهت (بالفعل) حقبة صغيرة استغرقت عقدا فى تاريخ ممتد منذ مائة عام (تاريخ تأسيس الجمهورية التركية)، والتى شهدت قطيعة سياسية لأسباب انقضت.
لقد جاءت الزيارة ردا على زيارة الرئيس التركى رجب طيب أردوغان فى فبراير الماضى، حينما بدأت المصالحة، وتصحيح مسار العلاقات بين القاهرة وأنقرة، لأنها متشعبة، ومتأصلة الجذور، ودور البلدين فى محيطهما الإقليمى والدولى لا غنى عنه لاستقرار البلدين، والمنطقة التى ينتميان إليها، والفترة المقبلة ستُبنى عليها علاقات مؤسسية تسير بالاقتصاد والتعاون خطوة متقدمة، وتعزيزها كان ضروريا، لأن مصر فى الفترة الماضية حافظت على تجارة مع تركيا وصلت إلى 6 مليارات دولار، واستثمارات متنوعة وصلت إلى 7 مليارات، ورجال الأعمال فى البلدين يرون فى مصر وتركيا منطقة استقرار ونمو، بل إن الأتراك يرون مصر دولة إستراتيجية يمكن أن تكون قاعدة الإنتاج الثابتة لهم، بل إن الزيارة فتحت مسارا جديدا مؤسسيا بانعقاد مجلس التعاون الإستراتيجى رفيع المستوى بين البلدين، أما فى القضايا الإقليمية فإن أجندة القمة كانت حافلة، والمصارحة بين البلدين، والمكاشفة كذلك، كانت كبيرة، وهو ما التقطته كل الدوائر السياسية الغربية، والأمريكية بالاهتمام، والتعليق، لأن البلدين ذوى ثقل إقليمى وعالمى كبير، ومؤثر. أعتقد أن هذه الزيارة تؤسس لمرحلة جديدة فى علاقات البلدين، بل تؤسس تعاونا لمواجهة الإرهاب فى المنطقة، كما أثمرت هذه الزيارة اتفاقا يعزز التعاون حتى فى الصناعات الدفاعية، والإنتاج المشترك، والذى كانت صورته واضحة بشكل مكثف، قبل زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى بأيام قليلة، فى معرض الطيران بمطار العلمين، حيث شاهدنا الطائرات وهى تحلق فى سماء الساحل الشمالى معلنة عن تعاون كبير بين الشركات المصرية والتركية فى هذا المجال الحيوى للمستقبل، وأخيرا، فإن أى مراقب يستطيع أن يرصد مكانة مصر وتأثيرها فى عالمها، وتفوقها فى إدارة ملفاتها الدقيقة، خاصة ملفات السياسات الخارجية، وعلاقاتها مع كل الدول، كما يرصد كفاءة، واقتدار الرؤية المصرية السياسية، ومكانة الرئيس السيسى الكبيرة إقليميا، وعالميا، ولنأخذ ملف العلاقات المصرية – التركية نموذجا لهذه القدرة، والكفاءة، وكيف تم طى، وتصحيح علاقات طويلة فى فترة وجيزة، ودقيقة.