يوم رحيل «ناصر»!

السبت 25 من ربيع الأول 1446 هــ
العدد 50335
تمر اليوم 54 عاما على ذكرى رحيل من كان أكبر المفاجآت فى تاريخ بلادنا خلال القرن العشرين، وأكثرها تأثيرا فى حياتنا، ووجداننا، بل أكثرها إيلاما، وفجيعة، وقسوة علينا، وعلى منطقتنا العربية قاطبة.
لقد رحل جمال عبدالناصر حسين فى عنفوان تألقه، وحيويته، بعد أن انتهى من مؤتمر القمة العربية 1970 لوقف نزيف الدم الفلسطينى الذى سال ليس بأيدى عدو خارجى (المتربص بهم دوما إسرائيل)، ولكن بيد الأشقاء.. رحل الرئيس الذى غير مصر كاملة، وأنهى العصر الملكى بعد 150 عاما، وأقام الجمهورية التى نعيش فى ظلها الآن، لكن المفاجأة القاسية كانت أن الرئيس لم يتم مهمته التى استعد لها جيدا، أو بامتياز، منذ أن لقيت مصر هزيمة قاسية فى (1967)، وهى إزالة آثار العدوان، واسترداد الأرض، وإعادة فتح قناة السويس، وطرد الإسرائيليين من سيناء، ولذلك فإن سنوات عبدالناصر الأكثر قسوة فى تاريخه، وتاريخ مصر كانت ما بين 1967 ورحيله فى 28 سبتمبر 1970، وقد ترك عبدالناصر خليفته الرئيس أنور السادات، وانتقلت السلطة فى مصر فى ذروة المفاجأة، ورحيل الزعيم الذى تصور الجميع أنه المستحيل بعينه، ولكنه الموت الذى لا يتأخر (فله موعده) – كما تنتقل فى الدول المستقرة، والقديمة فى عالم الجمهورية، وهى الوليدة فى عمر التاريخ المصرى- إلى السادات الذى اختاره عبدالناصر ليكمل المسار، ويخوض حرب تحرير الأرض بعد 3 سنوات، وتَسترد الجمهورية، التى وُلدت على يد الضباط الأحرار، مكانتها فى مصر، وإقليمها، والعالم الذين قادهم ناصر صبيحة يوم 23 يوليو 1952- بنصر إعادة الأرض، والأهم كذلك أن خليفته هو السادات (زميله فى حركة الضباط الأحرار)، وبعده الرئيس مبارك.
أعتقد أن مسار «الجمهورية» الذى وضعه ناصر، وخليفته السادات، ومبارك مصر تسير عليه الآن بدقة نحو بناء جمهورية حديثة متطورة فى عالمها يقودها أحد أبناء القوات المسلحة الرئيس عبدالفتاح السيسى، الامتداد الطبيعى لقيادات الجمهورية فى مصر، والذى يملك نفس الرؤية التى ستضع مصر فى مسارها الطبيعى نحو أن تكون جزءا مؤثرا فى عالمها، وتقود منطقتها.. رحم الله ناصر زعيما عربيا، وقائدا يتذكره المصريون جيلا بعد جيل.