رسائل العيد.. «1»

الأحد 30 من رمضان 1446 هــ
العدد 50518
ماذا لو لم يُسن العيد ويأتى كل عام؟.. ماذا لو خلت الحياة من أيام خاصة نبتهج فيها ونحشد طاقة الفرح؟.. ماذا لو نام الأطفال بلا هدايا أو ملابس يوم العيد، ولم تجتمع الناس وتتصافح؟.. ماذا سيحل بنا ما لم نتوقف فى محطات بيننا وبين أنفسنا نعيد ترتيبنا، وتهذيب أرواحنا المنهكة؟.. ماذا لو ظلت الساحات فارغة دون حشود المصلين صباح كل عيد؟.. ماذا لو لم تأت أصوات المكبرين من المساجد العتيقة وبيوت الله العامرة فى أصقاع البلاد؟.. هل لنا أن نتخيل كيف هو شكل أيامنا بلا أعياد؟!
أعتقد أن الأعياد رحمة من الله بنا.. هى وقفة للمجهدين الصابرين المعذبين فى الأرض.. هى استراحة الصامدين فى ساحات الحروب والحياة، بل هى مؤانسة بيننا وبين الحياة.. هى انتزاع الفرح وإشهاره فى هذا اليوم دون تردد.. ما أحوجنا فى العيد جميعا أن نعيش حقيقة أن الله أكبر، فلابد للمتعب المهموم أن يجسد فى وجدانه هذا المعنى، فيوقن أن الله أكبر من الآلام والأوجاع، ومن الهموم والابتلاءات، ويبعد عن نفسه خواطر اليأس والقنوط، ويذكرها بأنه لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، فينتظر منه فرجا قريبا، ويحمده من قبل ذلك ومن بعد.. ألا فافرح يا من أنهكته الفاقة، فإن بعد العسر يسرا..
ومن هنا، فإن الصورة الحقيقية للعيد تكمن فى الفرح الذى أمرنا الله به.. أن يفرح الإنسان مهما تكن ظروف الحياة قاسية، فإن لم يسعد الحال، فليسعد على أضعف الإيمان المقال، رغم أن ظروف أمتنا، وواقع مجتمعاتنا متراكمة فيه النكبات، وخيبات الأمل، لكن العيد جاء برسالة عظيمة، جاء ليُحيى فى الإنسان رغبة الحياة وتجديدها، وكأنك ترى أن الحياة لابد أن تعود لتبتسم فى فرحة الأطفال بالألعاب، فإن أردنا التقرب إلى الله فلنعش هذا الفرح مع تكبيرات العيد، وإن سعينا إلى رضوان ربنا فلنُزِح دواعى الحزن فى هذا اليوم، ولنردد بألستنا وكل جوارحنا تكبيرات العيد: الله أكبر الله أكبر الله أكبر.. لا إله إلا الله.. الله أكبر الله أكبر ولله الحمد، فمع التكبير والتهليل تنتعش الأنفس، وترتقى الأرواح، وتعلو الهمم مع تمجيد قيوم السماوات والأرض، والالتجاء إلى مالك الملك.