سنترال رمسيس!

الخميس 15 من محرم 1447 هــ
العدد 50620
فجأة تباطأ الإنترنت فى المنزل، واختفى تماما.. تصورت أننى لم أدفع الاشتراك، هرولت إلى مكاتب اتصالات الموبايل المنتشرة، والتى أصبحت جزءا رئيسيا فى حياتنا لا غنى عنه، تتفوق على الطعام، بل أصبحت مثل الماء، والهواء، وقبل أن أدخل بادرنى الموظف، الذى يعرفنى بحكم التردد، وانتظامى فى دفع الفواتير: قبل أن تتكلم ليس عندنا أى خدمة، هناك حريق فى سنترال رمسيس. ماذا تقول؟!.. دهانى الأمر، ووقع علىّ كالصدمة بسبب الاتصالات، والتليفونات، والأطفال الذين فى المنزل ينتظرون الخدمة.. سنترال رمسيس؟.. ماذا تقول؟!.. أنت عارف بتقول إيه؟!. جريت لأتابع الموقف وفى مُخيلتى ما حدث ما بعد 2011، عندما هجم فريق من أصحاب القضايا، قالوا وقتها قضايا المخدرات، وأحرقوا مبنى مجمع محاكم الجلاء، الذى كنت أتابعه فى مكتبى بالأهرام، وكان مكتبى يطل على سنترال رمسيس كأنه «ونس يومى»، فقد كنت أحب المبانى والشوارع، وأتعامل معها، وأتعايش بها كأنها كائن حى أسأل عنه، وأعتقد أنه يحاورنى.. وهكذا كان سنترال رمسيس بالنسبة لى، أعرف تاريخه، ومبانيه، منذ أن ظهر للوجود فى مايو 1927، وأجرى به الملك فؤاد أول مكالمة من جهاز فضى.. مبنى أنيق يعكس الطراز المعمارى الخاص بفترة العشرينيات، والثلاثينيات، وتميز بأنه مبنى عملى مازال، رغم قدمه، يتمتع بالحداثة، أتمنى أن تحافظ عليه الدولة، حتى لو لم تستخدمه بعد ذلك كسنترال. هذه المنطقة بها مبنى الأهرام العريق، وقد سعدت جدا عندما علمت أن عمال الأهرام، وجهاز الإطفاء، سبقوا المطافى فى الإطفاء، ومد خراطيم المياه إلى مبنى سنترال رمسيس، وكانوا يدا بيد مع رجال الإطفاء، فكل التحية لعمال الأهرام، فقد كنتم قدوة، وعلى قدر المسئولية فى حركة الإطفاء التى حدثت فى سنترال رمسيس الذى يقع بمنطقة حيوية تحتاج إلى نظرة إستراتيجية لتأمينها من كل المخاطر، ومن ضمنها الحرائق، خاصة إذا كانت تؤثر فى الاقتصاد القومى، فهو مرفق إستراتيجى يؤثر على خدمات الطوارئ، والبنوك، والطيران، والصحة، ويجب الحفاظ على سنترال رمسيس، وإعادة صيانته، فهو ليس مجرد مبنى تاريخى، بل قلب نبض الاتصالات فى مصر، ومركز حساس للغاية يحتاج إلى الحماية، والتطوير المستمر، لضمان استقرار الاتصالات التى تربط كل الاقتصاد، ولا غنى عنها فى عالم اليوم.