زيارة كريمة للعراق

الثلاثاء 29 من ذي القعدة 1446 هــ
العدد 50576
عقب حضورى القمة العربية، والعديد من المؤتمرات، والندوات بالعراق، كانت فرصة لى، لأول مرة، زيارة مرقدى الإمام الكاظم موسى بن جعفر، والإمام الجواد محمد بن على، كما زرت حوزة النجف، وشهدت بيت المرجع الأعلى آية الله السيستانى المتواضع للغاية إلى جوار مرقد الإمام على بن أبى طالب، كرم الله وجهه، فى شارع الرسول صلى الله عليه وسلم، وزرت فى النجف وكربلاء مرقد الحسين رضى الله عنه، ولا أخفيكم كانت زيارة كريمة، ومريحة للنفس للغاية، وكانت فرصة لزيارة أضرحة أهل السنة كذلك، وكنائس الإخوة المسيحيين فى كرادة بغداد التى لا تنام.
فى الحقيقة هناك اهتمام كبير من الحكومة العراقية بإعادة تجديد، وترميم هذه المراقد، والأضرحة، بما يليق بمكانة الأديان عامة، والتاريخ الإسلامى، ومقامهم الرفيع، خاصة دورهم الذى لا يُنكر فى حياتنا الروحية والدينية، وقد كان العراقيون ينتظرون من أشقائهم تكريم السيستانى الذى يتميز عن كل الفقهاء الآخرين، فهو ظاهرة وحده، وفريد للغاية، فهو الذى يحمى المذهب الشيعى من الفتنة الطائفية، وهو الذى يقترب جدا من فقه أهل السنة، خاصة الإمامين الشيخ محمد عبده وعبدالرحمن الكواكبى فى علاقة الدولة بالدين، فهو يرفض إقامة الدولة الدينية، بل يترك صناديق الاقتراع لتحكم السياسة، ويدعو لدولة حديثة لا تخالف أسسها الدستورية، والسيستانى وريث المرجع الشيعى، فى ظاهرة تقترب من ظاهرة الشريف المرتضى، وهو صاحب الدعوة إلى الحياة الدستورية، والدولة الحديثة، ويطالب العراقيون أشقاءهم العرب بترشيح السيستانى لجائزة نوبل، فهو الذى دعا لوقف الفتنة السنية- الشيعية التى حدثت فى المنطقة بعد فتنة الدواعش فى العراق، كما كان السيستانى ظهيرا قويا فى فرض الحياة الديمقراطية بالعراق، وتطورها كما يحدث الآن، كما تمكن من بناء شرعية ليست دينية فقط، فى سياسة تتمحور حول تطور العراق، ولم يستخدمها لتمييز نخبة صغيرة من رجال الدين الشيعة، كما أنه رجل متواضع لا يغادر منزله فى النجف إلا نادرا، وهو يعرف كيف يتصدى للفوضى التى عمت العراق عقب الاحتلال الأمريكى.