الأقدار تذهب لمن يستحقها

الأربعاء 24 من شوال 1446 هــ
العدد 50542
حياته ورحيله صنعتهما أقدار عظيمة.. أقصد قداسة البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، الذى رحل يوم عيد الفصح والقيامة المجيد، الذى احتفل به المسيحيون فى كل العالم، وفى كل المذاهب، وفى كل الكنائس معا لأول مرة منذ سنوات طويلة. لقد توافق هذا العام التقويمان «الغريغورى» الذى يتبعه الكاثوليك، والبروتستانت اليوليانى الذى يتبعه الأرثوذكس، ولم تتوقف أقدار البطريرك المقدس حتى يومه الأخير، رغم أنه غاب لأول مرة منذ انتخابه فى عام 2013 عن معظم فعاليات أسبوع الآلام، حتى صلاة الفصح مساء السبت الماضى تركها للكرادلة، ولكنه، وترجمة لإنسانيته المفرطة، رغم مرضه، وعدم قدرته على التنفس، التقى بنحو 70 سجينا، كما يفعل كل عام، وقادته أقداره العظيمة لأن يتوقف أمام قسوة الصراعات التى تشمل المدنيين العزل، ولعل علم فلسطين الذى يرفرف فى الفاتيكان دليل حى على نصرة المظلومين، والضعفاء، وأصحاب الحق، وقد كشف الإسرائيليون الذين يهاجمون المدارس، والمستشفيات، والعاملين فى المجال الإنسانى بغزة، وصرخ فيهم: يجب ألا نسمح لأنفسنا بأن ننسى أن الأهداف التى يتم استهدافها ليست أهدافا، بل أشخاص من (لحم ودم) لهم نفس وكرامة، ودعا كل الأطراف المتحاربة إلى وقف إطلاق النار، وإطلاق سراح الأسرى، وتقديم المساعدات للشعب الغزاوى الجائع الذى يتطلع إلى السلام، كما جمع البابا خلاصة حبريته فى يومه الأخير، ودعا مجددا إلى نزع، وإسكات لغة السلاح من اليمن إلى اوكرانيا، مرورا بالسودان، وسوريا، ومنطقة الساحل.
نحن المسلمين نتذكر لقداسته وثيقة التسامح مع الأديان فى حواره المطول مع الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، رئيس مجلس حكماء المسلمين، وزيارته للأزهر الشريف، والعراق، والإمارات، وبيت لحم، فالبابا فرنسيس له مآثر عظيمة، فهو أول أرجنتينى من العالم الثالث يصل لهذه المكانة الدينية، والقداسة الفعلية، وهو بذكائه، وتسامحه من أنهى الانقسامات، والاضطرابات فى كنيسته، فى سعيه لإصلاح المؤسسة الكنسية، بل وضع أسس علاقاتها مع الأديان الأخرى، والمذاهب الدينية، كما جعل للفاتيكان صوتا مؤثرا فى عالمه (فاتيكان محب منفتح)، فكتب له التسامح، وإنهاء الانقسام، والسلام، كما اشتهر قداسة البابا كذلك باحترام حرية الفكر، والتعبير، وتأثيرها فى عالمنا، كما حث السياسيين على عدم الاستسلام لمنطق الخوف الذى يجعلنا نتعلق بأنفسنا، فرحل زعيما عظيما بكل المقاييس.