صلاح دياب.. مسيرة ملهمة

الأثنين 29 من شوال 1446 هــ
العدد 50547
عندما تفتح مذكرات الناشر صلاح دياب، صاحب ومؤسس جريدة «المصرى اليوم» فى عصرنا الراهن (20 عاما على صدورها حتى الآن)، والتى أصبحت رقما صعبا فى صحافة مصر- لن تتوقف عن القراءة، فأنت لا تقرأ قصة، أو مذكرات شخصية عامة فقط، ولكن تحوطك أجواء، وجوانب متعددة، وغائبة، لعل أبسطها صدى التاريخ الذى تكاد تسمعه مع كل ورقة تقلبها، وتقرأها.
ستأخذك أبعاد عديدة إلى عوالم جديدة لمعنى الحياة، والنجاح فى جوانب الأعمال المعنوية لصلاح دياب، صاحب الإمبراطورية المترامية الأبعاد، فهو «حلوانى» لا يُشق له غبار، تعرفه المحروسة كلها، و«مزارع» تحمل منتجاته غذاءنا يوميا، وينافس بها الأجانب، وأعاد من خلالها للفلاح القديم مكانته المعاصرة، أو رجل بترول، ومستثمر عقارى مميز للغاية لا يترك فرصة ذهبية لكسب المال والنجاح إلا وسار فيها، وكل ذلك ينساه ولا يفتخر به، ولا يتوقف حوله، ولكن يجذبه الناشر، والكاتب.. صانع الأفكار، وصاحب الحلم الذى يتجدد مع كل عدد من صحيفته، حيث لم يتوقف دياب عن البوح للعالم بما يعرف، ويريد أن يحققه، ويقدمه بلغة ذكية تكشف عن موهبة تدرك أن اللغة معه هى خزان العقول، بل هى التى تنبت الأفكار، فيكتب بسلاسة فصوله وقصصه التى لا تنتهى، ويتنقل بينها، وكأنه يلعب فى حديقة غناء، كلها ورد، أو مسالك، فتأخذه المعانى القيِّمة قبل النجاح الذى ينشده.
وفى عالم الصحافة، كتب صلاح دياب ما يخلد تجربته المثيرة، وأبان عن صحيفته، وكتابها، وما كنا نريد معرفته عن عموده «نيوتن» الذى كان لافتا، ويستحق الانتباه فى عالم الأعمدة الصحفية لأسلوبه، وشجاعته المبتكرة، وتعاونه مع زميلنا الراحل عبدالله كمال، وعلاقته بالكاتبين الكبيرين الراحلين إبراهيم نافع، وصلاح منتصر، وقد تذكرت من خلاله رجل الأعمال سعيد الطويل، مؤسس جمعية رجال الأعمال المصريين، بعد سنوات طويلة فى ظل النظام الاشتراكى، وكان من مصادرى فى بواكير عملى بقسم الاقتصاد فى «الأهرام»، كما تجمعت خيوط عديدة ذكرتنا بالوزير مانع العتيبة، وقصص جديدة، ثم مذكرات صلاح دياب (هذا أنا) التى كانت صادقة، وملهمة، وسجلت تاريخا معاصرا ربطته بتاريخ قديم، ومتجدد، تنبت فيه الأفكار التى تصنع الأعمال الملهمة، والخالدة.