انفجار بالمكتب البيضاوى!

الأثنين 3 من رمضان 1446 هــ
العدد 50491
لم يكن شجارا بين فكرتين فى السياسة، ولم يكن خلافا بين رئيسين، أحدهما الأعظم فى العالم، يتم فى أهم، وأخطر بقعة فى العالم لاتخاذ القرار، فى قلب واشنطن، العاصمة الأمريكية، وفى بيتها الأبيض، حيث انتهى لقاء الرئيسين الأمريكى ترامب والأوكرانى زيلينسكى على غير ما توقع المراقبون، بل كل العالم، حيث ذهب الطرفان لعقد صفقة شكلها غريب، إن لم يكن مريبا، لا يتناسب مع الدولة العظمى، والأغنى التى كانت تريد معادن أوكرانيا الثمينة مقابل مساعداتها العسكرية، والتى أعطتها الحكومة الأمريكية السابقة بمحض إرادتها للأوكرانيين ليستمروا فى حالة حرب بدأت منذ 3 سنوات، وأكلت أوكرانيا، وهددت اقتصاد روسيا وأحرجت رئيسها بوتين أمام المجتمع الدولى، وشعبه. أعتقد أن التغير فى السياسات متناقض، وغريب على الولايات المتحدة، لكنه كان باديا بهجوم الرئيس الحالى ترامب على خليفته بايدن بأبشع الألفاظ، الأمر الذى يدعو للتساؤل: ما الذى تزرعها المجتمعات الديمقراطية العظمى لعالمنا المعاصر وتعطيه له؟.. ولكن فى كل الأحوال هذا ما يحدث، وأيا كان رأينا فهو لأنفسنا لنتعلم، وننقل الصورة للأجيال القادمة حتى تتعظ، وتتعلم السياسة، والعلاقات ما بين الدول، لأن ما حدث فى البيت الأبيض يوم الجمعة (نهاية فبراير 2025) سيظل عالقا فى أذهان كل متابع فى هذا العالم، وسنظل نكتب عن تداعياته، وتأثيراته على المسرح الأمريكى، والعالمى كثيرا، فقد خلق حالة فريدة خارج أى صندوق، أو مألوف، أو متعارف عليه. كما أن الانفجار المدوى الذى حدث بالبيت الأبيض لم يؤثر على أوكرانيا بقدر ما أثر على أمريكا، ورئيسها، وأثبت أن الضعفاء من الممكن أن يحرجوا الأقوياء عندما يتغيرون ويتلونون بلا مبرر، كما أن له ما بعده، وتأثيراته عميقة على كل عالمنا، لكنه يُعلِّم الزعماء أن يتركوا للمتخصصين إداراة المفاوضات للوصول إلى ملخصات يوقعون عليها، ولا يتم تركهم للأهواء، وإغراء خناقات الصورة المدوية، لأن هذا يؤثر على مستقبل الشعوب، ولا يُنهى الحروب، حيث يضع فتيلا، وقنابل أكثر على الأزمات الكامنة فى العالم، والتى تنتهى عندما تتسلط عليها شخصيات من نوع النجوم الذين يخاطرون، ويندفعون من أجل الشو، حتى ولو على حساب مجتمعاتهم، وشعوبهم، ومستقبل العالم، والبلاد التى يقودونها.