المحرم.. وعاشوراء

الأحد 15 من محرم 1446 هــ
العدد 50266
شهر المحرم قصة متجذرة بعمق فى التاريخ الإسلامى، وهو شهر عالى القيمة، والمكانة، والرمزية.. كذلك يوم عاشوراء، فهو يوم يرمز إلى القيمة العالمية فى الإسلام للعدالة، والرحمة، والوقوف ضد الظلم، وهو يوم للمسلمين كافة (سنة وشيعة) نصومه، ونعتز به، وله معانٍ عديدة، فهو اليوم الذى تاب فيه الله عز وجل على آدم عليه السلام، كما أنه اليوم الذى انحسر فيه الماء عن الأرض، واستوت فيه سفينة نوح عليه السلام على جبل الجودى، كما أنه اليوم الذى نجا الله عز وجل فيه النبى موسى عليه السلام من فرعون وتمكن من الفرار، بينما غرق فرعون وجنوده، ولكن حدث فى التاريخ الإسلامى بعد ذلك (عام 680 ميلادية) حدث جلل تصادف يوم عاشوراء، وهو مقتل الإمام الحسين رضى الله عنه (حفيد النبى صلى الله عليه وسلم من ابنته فاطمة رضى الله عنها) فى كربلاء، وهى الذكرى الأليمة فى تاريخ الإسلام بوجه عام، والتشيع على وجه الخصوص، ومن هنا ظهر ما يعرف بالصراع بين الشيعة والسنة، واتخذه بعض المتطرفين فى الجانبين منطلقا للصراع الطائفى المقيت. ولعلنا لاحظنا هذا العام، وتحديدا منذ أيام، فى سلطنة عمان، استغلال ما يسمى تنظيم «داعش» أحد جوامع الشيعة، وارتكابه مجزرة راح ضحيتها رواد الحوزة والجامع أمام ما يسمى «العزاء الحسينى السنوى»، وهى حادثة أليمة فجرت فى معظم دول الخليج العربى (سنة وشيعة) المخاوف بين الطرفين، خاصة فى هذا العام الذى نعيش فيه حرب الاحتلال الإسرائيلى على غزة.
من هنا، فإننا نحتاج من المؤسسات الإسلامية الرفيعة أن تتخذ من المحن والفتن فى التاريخ، مثل ذكرى كربلاء وعاشوراء، نواة، وأداة مستمرة للوحدة، وليس تأجيج الصراع، واشتعاله.. نحتاج إلى مراجعات، ونقاشات طويلة، ومدخل للفهم، وعدم التسييس،لأن استخدام عاشوراء دعائيا خطر ضد الدين الإسلامى ككل، وليس من حق أحد احتكار هذا التاريخ، فهو ملك كل المسلمين (سنة وشيعة)، أما النقاش حولهما فهناك فى كتب التاريخ، فليس بيننا اليوم من قتل الحسين، وكلنا يحب الحسين، وآل البيت جميعا، ونكرمهم، ونضعهم فى مكانتهم الصحيحة فى تاريخنا الروحى والدينى، فالحسين منا، ولنا (سنة وشيعة)، إنه رمز للوحدة، وليس الانقسام، والحروب، والطائفية.