إسرائيل تقتل نفسها!

الأثنين 22 من شوال 1446 هــ
العدد 50540
اجتمعت كل عناصر القتل، والتدمير، والإبادة فى غزة.. ظواهر الموت هناك أغرب من الخيال.. كنت أريد أن أتوقف أمام قتل جنود الاحتلال للصحفيين، والإعلاميين، لأنهم يريدون أن يكون القتل فى الظلام، ولا يصل للناس، وقد فشلوا تماما، رغم أن الرقم وصل إلى 211، وهو رقم قياسى لم يحدث فى أى حروب فى العالم، وقد كان آخر ضحايا الإبادة الإسرائيلية اصطياد خيمة الصحفيين الفلسطينيين فى خان يونس، والتى خرج منها أحمد منصور لكى يصورهم فتم قتله، وأصيب الجميع، فمنهم من بُترت أصابعه، ومنهم من أُعيق، وجميعهم لم يتلقوا العلاج فى محاولة إسرائيلية لقتل الصحفيين.
كما أنه منذ أكثر من شهرين لم تدخل أى إمدادات تجارية إلى عزة، وقد وصلت إلى الإنسانية، حيث تقصد إسرائيل تماما أن تترك الفلسطينيين بلا غذاء، أو دواء، وتدفعهم إلى حافة الهاوية بعد أن انتهى تبادل الضغوط، حيث لم يعد فى غزة من يتحمل الضغوط، ولم يعد فى غزة سلاح تطالب إسرائيل بتسليمه، وإذا لم تصدقوا اسمعوا شهادات الأطباء اليهود الذين يعملون فى غزة… هم يقولون إنهم أصبحوا لا يتحملون ما يحدث هناك، والكلمات تعجز عن وصف معاناة أهل غزة، فهناك انهيار كامل وتام للأجهزة الطبية، مع عدم وجود غذاء وماء، حتى إنهم يقولون عن إسرائيل إنها ماكينة موجهة لقتل الأطفال، فهم يرسلون الآن الأطفال أحياء إلى غرفة الموت حتى يموتوا فى هدوء، وصمت، ويدفعون الناس هناك للعيش فى العراء، ويدمرون لهم كل أشكال الحياة، والصورة هناك أصبحت فظيعة، بل يقولون إنها لا تكشف الحقيقة، والألم والمعاناة فاقا الوصف.
إن ما يحدث فى غزة شيء رهيب لم تشهد له البشرية مثيلا فى أى من عقودها السابقة، ولا نتوقع أن يكون له نظير فى المستقبل، لقد قتلت إسرائيل الأطفال لأنهم المستقبل، وقتلت الصحافة والإعلام حتى لا يكون هناك شهود على جرائمها، وتنقل للعالم، وفشلت تماما، ووصلت الصورة الخطيرة إلى كل الناس ليكتشفوا إسرائيل وجيشها، فكيف ستتعامل هذه الدولة مع العالم، ومع جيرانها فى الحاضر والمستقبل، فى الوقت الذى أرادت منع الحياة عن أهل غزة؟.. لقد قتلت إسرائيل نفسها أمام العالم فى حاضرها ومستقبلها.